حين نُهملهم… نخسر الغد

Rate this post

حين نُهملهم… نخسر الغد

لماذا يجب أن نضع طلاب الجامعات في قلب مشروع النهضة؟

خلال لقاء مع مجموعة من الطالبات الجامعيات في إحدى الجامعات السورية، سألتني إحداهن بحماس مشوب بالحزن:
دكتورة… نحن ندرس ونحلم، لكن هل هناك من ينتظرنا فعلًا؟ هل لنا مكان في هذا البلد؟”
تلعثمت للحظات، لا لأن الجواب غائب، بل لأن الجرح كان واضحًا في عينيها…

كمحاضِرة في الجامعات، رأيت وجوهًا كثيرة تشبه هذه الطالبة…
وجوهًا تحمل وعيًا ناضجًا وطموحًا متقدًا، لكنها مكدّسة بالأسئلة المؤجلة.
ورأيت في الميدان شبابًا، لو أُتيحت لهم الأدوات، لصنعوا فرقًا حقيقيًا.

من هنا أكتب…

لا من الكتب، بل من الندوات، من البرامج، من الحوارات، من الواقع السوري…

حين نُهملهم… نخسر الغد

حيث الشباب حاضر عددًا، وغائب دورًا.
أكثر من 62% من سكان سوريا دون سن 30 (تقرير هيئة التخطيط السورية 2023).
نسبة البطالة بين خريجي الجامعات تجاوزت 35% في بعض المحافظات.
ورشات الإرشاد المهني شبه غائبة، أو محصورة بمبادرات محدودة الموارد.
كل هذا في بلد يحاول التعافي…

من زاوية علم النفس الاجتماعي…
في هذه المرحلة العمرية (18-25)، يواجه الطالب سؤال الهوية.
“من أنا؟ ماذا سأكون؟ ما دوري؟”
فإن وُجد توجيه آمن…
تشكلت الشخصية وانطلق نحو البناء.
وإن تُرك وحيدًا…
ضاع، أو تطرف، أو هاجر ذهنياً أو جسديًا.

وفي حالات كثيرة، يكون الضرر نفسيًا أعمق من أي خسارة مادية.
لم يقل “شاب تاب”، بل قال “نشأ”، أي وُجّه ودُعِم منذ البداية.

يقول النبي ﷺ: “سبعة يظلهم الله… وشاب نشأ في طاعة الله.”

وسيرة الصحابة رضي الله عنهم حافلة بشباب احتضنهم النبي ﷺ:
أسامة بن زيد قائد جيش بعمر 17
معاذ بن جبل معلّم أهل اليمن
علي بن أبي طالب فقيه ومستشار.

وماذا عن العالم؟
حين قرأت عن تجربة “قمم” في السعودية، تأملت بحرقة:
طلاب يُربَطون بقادة المجتمع
مقابلات توجيه فردي
تدريب حقيقي، وفرص عمل
وقلت في نفسي:
لو كان لدينا مثل هذا في سوريا، كم قائدًا كنا سنصنع كل عام؟
دول ما بعد الحرب تبدأ من إعادة إعمار العقول، لا الأبنية.

ما الذي نحتاجه؟
أن نؤمن بالشباب فعليًا، لا شعاراتيًا.
أن نصمم برامج توجيه نفسي، وتدريب عملي، وفرص احتكاك مباشر بالواقع.

لا يكفي أن نقول لهم: أنتم الأمل…
بل علينا أن نصنع لهم طريقًا ليسيروا عليه.
ختاما:

بلادنا ليست بحاجة إلى مزيد من الخرائط والخطط الورقية…

بل إلى شباب يقولون: “ها نحن… فلنبدأ.
من لم يُحسن استقبال شبابه، سيُضطر لاحقًا لملاحقة أزماتهم.

 

اقرأ في مدونتنا أيضاً عن بين خذلان “الأقربين” واحتضان “الغرباء”