أمة بلا وعي.- صيد سهل في سوق القوى
✍🏼. د. دعوة الأحدب.
في ظل التحولات الجيوسياسية المعاصرة، ومع تكرار الانتهاكات على أراضي غزة و العالم الإسلامي، يتساءل الكثيرون: ما هو شكل المواجهة الأجدى؟ ورغم أهمية الدفاع العسكري في بعض المواقع، فإن المواجهة الحقيقية أعمق من مجرد صراع مسلح، إذ تتجلى في معركة وجودية معرفية تمس جوهر الأمة وهويتها.
تُبرز النظرية الاجتماعية النقدية أن ضعف الأنظمة السياسية في منطقتنا ليس سوى انعكاس لبنية عالمية مادية، تُفرغ كل شيء من معناه وتحوله إلى سلعة، حتى القيم والمبادئ. هذا ما أشار إليه الفيلسوف جورج لوكاتش من خلال مفهوم “التشيؤ” (Reification)، حيث تتحول الكيانات الإنسانية إلى مجرد أدوات داخل آلة الإنتاج والاستهلاك.
وفي مواجهة هذا التحدي، يبرز التوجيه النبوي الكريم:
“لا تكونوا إمَّعة تقولون: إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وَطِّنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساءوا ألا تظلموا” (رواه الترمذي).
هذا الحديث لا يحث على العدل فحسب، بل يؤسس لروح الاستقلال الفكري والعاطفي، ويُقاوم الانقياد الأعمى لأنماط الهيمنة العالمية.
1. المقاومة الاقتصادية: تبدأ بتحرير أنماط استهلاكنا من سطوة الأسواق الرأسمالية، وتوجيهها نحو دعم الإنتاج المحلي والاكتفاء الذاتي.
2. التحرر الإعلامي والمعرفي: من خلال اختيار مصادرنا بعناية، بعيدًا عن الإعلام الموجَّه الذي يعيد إنتاج الخطاب المسيطر.
3. إعادة تعريف النجاح: بالانتقال من وهم الاستهلاك والتفاخر، إلى تبني مفهوم الكفاية الذاتية كقيمة وهدف.
إن بداية المواجهة الحقيقية تكمن في رفضنا أن نكون مجرد تروس في آلة النظام العالمي، وفي إصرارنا على أن نكون فاعلين في صياغة تاريخ أمتنا وهويتها.