بين خذلان “الأقربين” واحتضان “الغرباء”

Rate this post

بين خذلان “الأقربين” واحتضان “الغرباء”

✍🏼 د. دعوة الأحدب

منذ عشرين يومًا وأنا في سورية، ألتقي الناس، أستمع لقصصهم، أرافق العائدين الذين حملوا أحلامهم على ظهورهم، ونزلوا بها إلى وطنهم ليصنعوا فرقًا…
ولعلّ أكثر ما آلمني من القصص المتكرّرة التي سمعتها هي تلك التي تبدأ بفرح العطاء وتنتهي بغصّة الخذلان.

كم من شخص جاء ممتلئًا: علمًا،خبرة، نيةً، واحتسابًا…
وتوقّع أن يكون له سند من أقرب الناس إليه: زميلٌ قديم، قريبٌ عزيز، رفيقٌ من أيام الشدّة.
فإذا به يُقابل بالجفاء، والبرود، وربما الحسد… وكأن لسان حالهم: “اللهم نفسي!”

لكنه في خضم هذه الصدمة… يُكرم بأخٍ لم تلده أمّه.
يُفتح له باب من حيث لا يحتسب…
وتُترجم دعوة والدته القديمة: “الله يبعثلك ناس أحن عليك مني”، على هيئة بشرٍ طيبين، يربّتون على كتفه، ويسندونه في غربته داخل وطنه.
هذه مشاعر ستراها إن نزلت لسورية
هذه ليست مفارقات عشوائية، بل رسائل من الله.
﴿إنّ مع العُسر يُسرا﴾… لا بعدها، بل معها.
فحين ترى العُسر في الوجوه المتوقّعة… يرسل الله يُسرًا في وجوه لم تخطر ببالك.

رسالتي لكم أيها العائدون

لا تبنوا خططكم على “العلاقات القديمة أو علاقات القربى”، ولا تتكئوا على “أعمدة الذكريات”.
ابنوا نيتكم لله، وتوكلكم عليه.
فالخذلان ليس هزيمة… إنه كشف.
والاحتضان المفاجئ من غريب… هو تصديق لوعد: “ومن يتقِ الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب.”

لا تجعلوا التجارب المؤلمة تقعدكم… بل اجعلوها وقودًا.
فأنتم لستم أوائل العائدين، ولن تكونوا آخرهم.
لكنّ من يحمل النية الصادقة، لا يتيه طويلًا.
ومن لم يجد سندًا من الناس… فليثق أن الله هو السند الأكبر.

ختامًاِ.. حين تعود، لا تبحث عن الوفاء في الأشخاص، بل ابحث عن الرضا في قلبك.

لأن من رضي، رأى في كل مشهدٍ رسالة، وفي كل تأخيرٍ عناية، وفي كل خذلانٍ تصفية.

وصدق من قال:
> “من أقبل على الله بصدق، أقبل الله عليه بخلقه.”

اقرأ أيضاً في مدونتنا عن دكتور نفسي في اسطنبول الفاتح