“وحدة الصف – بين صراع الضمير وضرورة البناء”
هل وقفت يومًا حائرًا بين أن تنطق بكلمة حقٍّ تخشى عواقبها، أو تصمت مُكتفيًا بقلبٍ ثائر؟! هذا هو الصراع الذي يطحنُنا حين نرى ما لا يُعجبنا: أَنُجَاهِرُ بالمعروف وننهى عن المنكر مهما كلف الثمن، أم نلجم ألسنتنا خشيةَ انفراط الصف؟! السؤالُ ليس فلسفيًّا، بل هو اختبارٌ عملي نعيشه اليوم في مفاصل مجتمعنا. ففي زمنِ إعادة التشكُّل، حيث تُعادُ صياغةُ القيم والأدوار، يصبحُ الصمتُ أحيانًا جدارَ حمايةٍ للبناء الهش، والكلامُ سلاحًا ذا حدين: إما لبنةٌ تُثبِّت، أو فأسٌ تُهدم.
سواء أعجبنا أم لم يعجبنا كل ما يجري الآن، علينا أن نمسك ألسنتنا بحكمة. ففي الأوقات الحرجة، لا يكون الانتصار الحقيقي في كسب المعركة، بل في الحفاظ على الصف متماسكًا. ما نعيشه الآن هو لحظةٌ مصيرية تحتاج إلى صدور رحبة وعقول واعية، لا إلى انتقادات تشعل النار. الوحدة ليست رفاهية، بل ضرورة وجودية.
علم النفس الاجتماعي يؤكد أن المجتمعات الخارجة من صدمات تمرُّ بمرحلة “إعادة البناء”، حيث تُعاد تعريف القيم والأدوار والعلاقات. هنا، لا مكان للمثالية المطلقة، بل للانخراط الواعي في البناء حتى مع وجود النقص. الناقد الهدّام يُربك المسار أكثر مما يُصلحه، تمامًا كمن يصرخ في ورشة بناءٍ عامرة: صوته يعلو، لكنه يُغرق صوت المطرقة!
وليس أدل على ذلك من قول الله تعالى:
{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ} [الصف: 4]
فالمحبّة الإلهية جاءت مشروطةً بوحدة الصف، لا بكثرة العُدّة.
كونوا جميعًا يا بني إذا اعترى… خطبٌ ولا تتفرقوا آحادا تأبى العُصي إذا اجتمعتن تكسّرًا… وإذا افترقن تكسّرت آحادا
هل نرضى عن كل ما يحصل اليوم؟ قطعًا لا. لكن الحكمة تكمن في *كيفية* النقد، لا في إسكاته. النقد البنّاء يشبه جراحةً دقيقةً تُزيل الداء دون تمزيق الأنسجة، أما الهجوم فهو كمن يُهشّم العظم لاستخراج شظية!
واقعيًا، رغم كل التحديات، نرى اليوم مبادراتٍ مبشّرة: تحسُّن الخدمات من كهرباء و نت فضائي و غيره، وإدارة مؤسسات بإمكانيات بسيطة لكن بروح جماعية. فهل نُهدر هذه الجهود بسيوف النقد الحاد؟ أم نصطفُّ كحائط صدٍّ لحماية ما يُبنى، ونُصلح الأخطاء بهدوء؟
لذا، خلاصة القول:
إذا اتفقنا أننا في مرحلة بناء، فعلينا أن نُحسن “الاصطفاف” لا “الاستهداف”.
وكما قيل “إن لم تستطع أن تبني بيدك، فاحمِ البناء من العاصفة”.
وإن اختلفنا، فلنختلف برحمة… فلا تُسقط البيت على أهله!
#وحدة_الصف
#سوريا_تنبني
#نقد_بناء_لا_هدم
#دعوة_الأحدب
تعرف على الانتظار الممكن والمستحيل