تمثيل المرأة السورية بين الواقع الدولي والصوت المحافظ
تصدّرت جمانة سيف مؤخرًا الحديث في مجلس الأمن بصفتها ممثلة عن المرأة السورية والمجتمع المدني، الأمر الذي أثار تساؤلات وهواجس مشروعة لدى شريحة كبيرة من النساء السوريات، خاصة المحافظات منهن، ممن لم يشعرن أن هذه الشخصية تعبر عن هويتهن أو عن واقعهن الحقيقي.
لكن لنتوقف قليلًا، وننظر للصورة من زاوية أوسع وأهدأ. ما يجري اليوم على طاولات القرار ليس دائمًا انعكاسًا دقيقًا للواقع الشعبي، بل هو في كثير من الأحيان نتاج لتوازنات دولية، وضغوط سياسية، ومتطلبات أممية تفرض على الجهات السورية المعارضة – بكل أطيافها – تقديم شخصيات “تُرضي” المجتمع الدولي، وتُظهر تنوعًا شكليًا، حتى وإن لم يكن هذا التمثيل دقيقًا أو منصفًا.
والحق يُقال، إن كثيرًا من هذه الجهات باتت في موقف لا تُحسد عليه، إذ تتعامل مع اشتراطات غربية ضاغطة تفرض تمثيلًا لكل التيارات والأطياف، أحيانًا على حساب القرب من الناس أو الانسجام مع ثقافتهم. ولذلك، من الطبيعي – وإن كان مؤلمًا – أن نرى وجوهًا لا تشبهنا تتصدر بعض المحافل، فقط لأنها تجيد لغة المؤسسات الدولية وتعرف كيف تخاطبها.
لكن هذا لا يعني أن المعركة خاسرة، ولا أن الصوت المحافظ قد غُيّب إلى الأبد. بل العكس تمامًا. ما زالت الفرصة متاحة، وربما تكون هذه المرحلة الانتقالية فرصة ذهبية لإعادة تنظيم صفوفنا، وبناء مشروع متماسك يعبر عن قيمنا وثوابتنا، ويقدم نموذجًا نسائيًا سوريًا حقيقيًا، يجمع بين الكفاءة والانتماء.
إن الصدام الآن لن يخدمنا. والمواجهة الإعلامية المباشرة قد تفتح أبوابًا من التشويه والتصنيف لسنا بحاجة لها. ما نحتاجه هو الهدوء، والثقة بالنفس، والتحضير الذكي، حتى إذا ما استقرت الأمور ووصلنا إلى لحظة التوازن، نكون حاضرين بوضوح، لا بردود الأفعال، بل بمشروع متكامل يحمل صوت المرأة السورية الحقيقي، بكل أطيافها.
من لا يشغل الحيز اليوم، قد لا يجد مكانًا غدًا. فلنبدأ من الآن، بصمتٍ فاعل، وتنظيمٍ هادف، وتحضيرٍ جاد. فهذه ليست معركة تمثيل فقط، بل معركة هوية، وأمانة وطن، ومصير أجيال.
و الأيام حبلى بكثير من الأخبار…
وها نحن الآن بانتظار تعيين هند قبوات وزيرة للشؤون الاجتماعية.
اقرأ عن مرحلة الإرتباك الإداري