الانتظار الممكن والمستحيل

Rate this post

الانتظار الممكن والمستحيل
قراءة نفسية اجتماعية في وفاء المرأة للأسير

✍🏼.د. دعوة الأحدب.
منذ أسابيع، جمعتني جلسة مؤثرة مع زوجة أسير فلسطيني قضى ستة وعشرين عامًا خلف القضبان، محكوم بستة مؤبدات، لكنها بقيت تنتظره، تربي أولاده، وتحمل وفاءها كراية لا تنكسر.

جلست أتأمل هذا المشهد، وأنا ابنة القضية السورية. كم من نسائنا فقدن أزواجهن في معتقلات النظام، وكم من المجتمع قادهن نحو خيار الزواج من جديد، لا ترفًا، بل لأن فكرة “الانتظار” هناك لا تشبه ما عرفته هذه المرأة الفلسطينية.

الفرق ليس في الحب، ولا في الوفاء، بل في السياق النفسي والاجتماعي المحيط. في فلسطين، الأمل عنصر حاضر رغم الحكم المؤبد. فالتجربة الجماعية رسخت إمكانية التحرر، والمجتمع منح المرأة شرعية الصبر وكرامة الانتظار. أما في سوريا، فالموت تحت التعذيب، والإخفاء القسري، وغياب أي بصيص في نهاية النفق، كلها جعلت من الانتظار فعلًا عبثيًا بنظر كثيرين.

ثم تأتي المنظومة الاجتماعية كعامل ضاغط. في سوريا، لا يُنظر للمرأة التي تبقى دون زوج كـ”بطلة”، بل كمشكلة يجب حلّها، بينما في فلسطين، تجد من يقدّر صمودها، ويمنحها شبكة دعم مجتمعية تعينها على الاستمرار.

هذه المقارنة ليست لتفضيل تجربة على أخرى، بل لفهم أثر الأمل، والمجتمع، والسياق السياسي، في تشكيل قرارات النساء، وتفاعل المجتمعات مع فكرة الغياب القسري. إنها دعوة لإعادة التفكير: كم من امرأة سورية كان يمكن أن تنتظر، لو فقط شعرت أن أحدًا سينتظر معها؟

#الأسير_الفلسطيني
#المعتقل_السوري
#الانتظار
#علم_النفس_الاجتماعي