التحديات التعليمية للأطفال في المخيمات
العديد من الأطفال الذين وُلدوا في بداية النزاع لم يتسنَّ لهم فرصة الذهاب إلى المدرسة مطلقًا. وقد تجد بعضهم صعوبة في قبول فكرة الالتحاق بالدراسة في وقت لاحق من حياتهم. يقول محمد، البالغ من العمر 15 عامًا والذي يعيش في أحد مخيمات اللاجئين: “كنت صغيرًا جدًا قبل النزاع، و لعدم وجود مدارس بسبب الصراع، لم أتعلم. الآن أشعر أنني كبير جدًا للالتحاق بالصف الأول.”
كثير من الأطفال تركوا المدرسة بسبب النزاع المستمر. “لم أعد إلى المدرسة بعد مغادرتنا قريتنا. درست الصف الأول والثاني فقط قبل أن نترك مكاننا الحالي،” تقول وفاء، مراهقة تعيش في نفس المخيم.
تتعدد الأسباب التي تساهم في بقاء الأطفال خارج المدرسة، بما في ذلك تصاعد العنف، النزوح المستمر، تفاقم الفقر، وقلة الموارد لإعادة بناء النظام التعليمي الذي دمره النزاع. “هناك عدد كبير من الأطفال، خاصة الفتيات، الذين اضطروا لترك المدرسة ويعانون من الأمية. بعض هؤلاء الفتيات كن متزوجات رغم أن أعمارهن لا تتجاوز 16 أو 17 عامًا،” تقول أماني، التي تعمل في مجال التعليم والصحة النفسية.
تواجه هذه الفئة من الأطفال تحديات كبيرة في العودة إلى نظام تعليمي يعاني من تدهور كبير، مما يعرقل فرصهم في الحصول على التعليم الأساسي الذي هو حقهم الأساسي.
اقرأ أيضاً عن الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالاكتئاب
تأثير الأنشطة التعليمية والترفيهية على الأطفال في المخيمات
الاستثمار في تنمية شخصية الأطفال
“الأطفال في هذا العمر يحتاجون إلى بناء جوانب متعددة من شخصياتهم وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، وهذا ما عملنا عليه خلال الفترة الماضية، إلى جانب تقديم النشاطات الترفيهية لهم”، تقول أماني.
كانت هذه الأنشطة فرصة للأطفال لتعلم القراءة والكتابة، وهو ما سيمكنهم من الحصول على وظائف تساعدهم في حياتهم المستقبلية، بالإضافة إلى المشاركة في الأنشطة الترفيهية. “لقد حقق المشروع أهدافه على عدة أصعدة. انتقل الأطفال من عدم قدرتهم على القراءة والكتابة إلى مستوى جيد في هذه المهارات. تعلمهم كيفية التصرف في مواقف مختلفة والانضباط هو إنجاز كبير”، يضيف ياسر، من فريق التعليم والصحة النفسية. “لقد لاحظنا تغيرًا ملحوظًا في سلوك الأطفال ورغبة الأهالي في تمديد المشروع لفترة أطول”، تضيف أماني.
تأثير الجلسات التربوية على المجتمع
كان للجلسات التربوية التي قُدمت في المساحات الصديقة للطفل تأثير كبير على المجتمع. “ناقشنا مواضيع هامة حول كيفية التعامل مع الأطفال من مختلف الأعمار، وكان معدل حضور الآباء لهذه الجلسات جيدًا جدًا”، تقول أماني.
قصص النجاح الفردية
– صالحة فتاة تبلغ من العمر 14 عامًا، درست الصف الأول في قريتها قبل مغادرتها مع أسرتها. بعد وصولها إلى مكان إقامتها الجديد، حصلت على فرصة لتطوير مهاراتها في المساحات الصديقة للطفل، مما ساعدها على تحسين مستواها الدراسي وتحقيق حلمها بأن تصبح طبيبة. “أحببت النشاطات في المساحات الصديقة للطفل كثيرًا. كانت الدروس مفيدة جدًا، وقد تحسن مستواي الدراسي وأصبحت طالبة مجدة. أريد أن أعيش حياة أفضل من هذه الظروف”، تقول صالحة. كما أنها تذهب الآن إلى مدرسة ثانوية في قرية مجاورة، وقد تحسنت قدرتها على تكوين صداقات جديدة بفضل المهارات التي تعلمتها.
– وفاء التي لا تزال لا تذهب إلى المدرسة، وجدت صعوبة في تكوين صداقات. ومع ذلك، كانت سعيدة بفرصة الخروج من خيمتها لمقابلة أصدقائها والاستمتاع بالنشاطات معهم. “كانت فرصة رائعة للخروج والتفاعل مع أصدقائي، بالإضافة إلى تعلم القراءة والكتابة. أحببت اللعب بتنس الريشة مع الفتيات الأخريات،
اطلع أيضاً على أعراض الاكتئاب وتشخيصه
تطور سلوك الطفل وتعلم الأدوار الاجتماعية
يُعد فضول الطفل الطبيعي دافعًا أساسيًا في تعلم سلوكيات المجتمع. مع نمو الأطفال، تتسع اهتماماتهم، مما يمنحهم الفرصة لبناء علاقات متعددة مع الآخرين. في البداية، يتعلم الطفل أدوار وأنماط سلوكية مختلفة من خلال التفاعل مع أفراد أسرته، بدءًا بالأم ثم الأب، والإخوة، والأجداد، وأحيانًا الأعمام والعمات. مع مرور الوقت، تتوسع هذه الدائرة لتشمل الأصدقاء وزملاء الدراسة والمعلمين ومعارف آخرين.
يبدأ الطفل في تقليد الأمثلة التي يراها لبناء هويته الشخصية وفهم سلوكه مع الآخرين. عندما يستكشف الطفل العالم خارج نطاق الأسرة، يواجه أدوارًا وسلوكيات متنوعة، مما يساهم في توسيع مجموعة أدوات السلوك لديه. يتعلم الطفل أن كل مجتمع يقدّر أشكالًا مختلفة من السلوك ويعتبرها طبيعية ومتوقعة.
كلما انخرط الطفل في مجتمعات متنوعة، يكتسب مهارات مهمة لحياته المستقبلية، مثل التكيف واتخاذ القرار. بعض المجتمعات تمنح الطفل فرصًا ليصبح صانع قرار وقائد، بينما تجبر مجتمعات أخرى الطفل على التكيف مع قرارات القادة أو الأقران. في بعض الحالات، يتعلم الطفل تقديم التنازلات، بينما في حالات أخرى يمكنه التمسك بآرائه الخاصة.
من خلال هذا التنوع في التجارب المجتمعية، يطور الطفل القدرة على التكيف مع مختلف المواقف، ويكتسب مهارات حياتية مهمة تساعده في مرحلة البلوغ.
أهمية التجربة المجتمعية و التعلم الرقمي في تنمية الطفل
يواجه الطفل فرصًا جديدة لاختبار مهاراته واتخاذ قراراته خارج إطار الأسرة والمدرسة عندما يواجه مهام أو مشاكل لا يمكن لأحد حلها نيابةً عنه. من خلال مواجهة تحديات حقيقية، يتعلم الأطفال أن لا أحد مثالي، وأن النجاح الذي يحققونه ضمن مجموعاتهم يعزز ثقتهم بأنفسهم. لذلك، من الضروري أن يختبر الأطفال أنفسهم في مجموعات متنوعة لتجميع الخبرات وبناء الثقة بالنفس والشعور بالإنجاز.
تشكل المشاركة في مجموعات عبر الإنترنت جزءًا مهمًا من تجربة الطفل. من الضروري أن يتحدث الآباء مع أطفالهم مبكرًا عن مخاطر الإنترنت. في ذات الوقت، يمكن أن توفر المجموعات الرقمية فوائد كبيرة، مثل تكوين صداقات جديدة، الحفاظ على التواصل مع الأصدقاء بعد الانتقال، أو التعرف على أقران من مختلف أنحاء العالم لديهم اهتمامات مشتركة. يمكن أن يكون المجتمع الإيجابي عبر الإنترنت عنصرًا حيويًا في تعزيز ثقة الطفل بنفسه. دراسة أجريت عام 2009 أظهرت أن الأطفال المشاركين بنشاط في المجتمعات الإلكترونية تلقوا ملاحظات قيمة حول أعمالهم أكثر من أولئك الذين ركزوا فقط على الإبداع دون المشاركة المجتمعية.
بجانب الأسرة والمدرسة، يمكن أن تكون البيئات ذات الوقت القصير مثل المخيمات أماكن هامة للتنشئة الاجتماعية للأطفال. حيث توفر المخيمات بيئة تجريبية تسمح للأطفال بتجربة استراتيجيات جديدة للتفاعل مع المجتمع بحرية. تقدم هذه التجارب دروسًا قيمة حول الهوية وكيفية الارتباط بالآخرين، مما يعزز راحتهم ويزيد من انفتاحهم نحو الآخرين. هذا بدوره يساعدهم في العثور على أصدقاء جدد أو اكتشاف اهتمامات جديدة قد تكون حاسمة لنجاحهم المستقبلي. بالإضافة إلى المعرفة المكتسبة، تعزز المخيمات أيضًا ثقة الأطفال بأنفسهم.
من خلال تقديم مخيمات ممتعة خلال النهار وعبر الإنترنت، تقدم العديد من المنظمات فرصًا للأطفال لاستكشاف مجالات مثل البرمجة، الروبوتات، وألعاب الفيديو. يمكن للأطفال اكتشاف هوايات جديدة أو بناء أساسيات لمهنهم المستقبلية. تجمع هذه الأنشطة بين التعليم الممتع والتجارب المجتمعية الإيجابية، مما يساهم في تطوير مهاراتهم وثقتهم بأنفسهم.
مقالات ذات صلة: