أهمية الالتفاف حول القائد وقت الأزمات
“هل أصبحنا منحبكجية”
في أهمية الالتفاف حول القائد وقت الأزمات.
علّقت امرأة فرنسية على المستقبلين للرئيس في باريس (على ذمة القائل) :
“أنا أعيش منذ ثلاثين سنة في هذا الحيّ، ولم أرَ يومًا هذا القدر من الحب من شعب لرئيسه!”
كلماتها، رغم بساطتها، تحمل دهشةً أوروبية أمام ظاهرة (ترندي) حديثة جدا لم نعهدها: الالتفاف الشعبي حول القائد، حتى لو لم يكن ذلك القائد كاملاً أو محبوبًا بالإجماع.
ولنكن صادقين: لا يوجد قائد تصيب جميع قراراته.
هناك أخطاء، وهناك تقديرات تصيب أحيانا و تخيب أحيانًا.
لكن عند الأزمات الكبرى، لا يكون التقييم التفصيلي هو الأساس، بل تكون وحدة الاتجاه، والالتفاف حول القيادة هي طوق النجاة من التمزق والفوضى.
علم النفس الاجتماعي يخبرنا أن الجماعة، حين تواجه خطرًا خارجيًا أو اضطرابًا داخليًا، تبحث فطريًا عمّن يمثل لها رمز الأمان والتوجيه.
إنه ما يسمى بـ “نظرية القيادة الرمزية” (Symbolic Leadership Theory)، حيث لا يُطلب من القائد أن يكون مثاليًا، بل أن يكون نقطة تركيز وجدانية للجماعة، تلتفّ حوله لتحافظ على تماسكها، لا على أساس رضى تام، بل على أساس الإحساس بوجود مركز واحد للقرار.
الناس في الأزمات لا تحتاج لكثرة الآراء، بل لصوت واضح يقول: “من هنا الطريق”.
في دراسات كثيرة، تبين أن غياب قائد موحد أثناء الأزمات يجعل الناس عرضة للانقسام، والذعر، والاستقطاب، حتى لو كانت النوايا طيبة.
أما من وجهة علم النفس الإسلامي.
فالطاعة هنا ليست تفويضًا أعمى، لكنها نظام حماية مجتمعية.
وقد شدد الفقهاء على أن الطاعة للقائد لا تعني تأليهًا، بل تعني الالتزام الجماعي حين تكون القرارات في مصلحة الأمة، خاصة في حال التهديد والتحديات الكبرى.
أي أن الابتعاد عن وحدة الصف وقت الأزمات، مهما كانت النوايا، يقود إلى الفوضى التي لا تحمد عقباها.
نحن السوريين، نعرف معنى الشتات والتفكك أكثر من أي شعب آخر.
عشنا سنوات طويلة من غياب المركز، وكثرة الأصوات، والتشكيك بكل قائد أو مشروع.
لكن الحقيقة المُرّة التي أدركناها متأخرين:
أن غياب القائد لا يعني الحرية، بل يعني الغرق في الفوضى.
حتى لو أخطأ القائد أحيانًا، فإن وجوده واتحاد الناس حوله، يبقى أفضل ألف مرة من أن يتصارع الجميع على القيادة، فيضيع المركب بمن فيه.
ليست الطاعة للقائد رضًا تامًا عن كل شيء، لكنها عقد اجتماعي يوقّع عليه العقلاء حين تشتدّ العاصفة.
فالقائد لا يُلتف حوله لأنه معصوم، بل لأنه ضرورة لبقاء الاتجاه.
تمامًا كما نفعل حين نركب سفينة في البحر: لسنا مضطرين لأن نحب كل قرارات القبطان، لكننا نعلم جيدًا أن غيابه عن المقود يعني غرقنا.
#السفينة_تحتاج_قبطان
#الالتفاف_وقت_الخطر